Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog

الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك، والمنتهية حصانته الرئاسية، يمكن أن يُحاكَم (وأن يُسْجَن) بتهمة ارتكابه شيئاً من الفساد (المالي والإداري والوظيفي) عندما كان يشغل منصب رئيس بلدية باريس. لقد زُعِمَ أنَّه، وبصفة كونه رئيساً لبلدية العاصمة الفرنسية، اسْتَحْدَث وظائف وهمية لمصلحة مؤيِّدين سياسيين له (ولحزبه) كذاك المحافِظ السابق الذي كان سائقه يتقاضى راتباً من بلدية باريس. إنَّه فسادٌ، إذا ما ثَبْتَت التهمة، أنْ يوظِّف رئيس البلدية شيراك سلطاته وصلاحياته لتوظيف شخص (السائق) في البلدية، فيتقاضى منها راتباً، مع أنَّه لا يعمل فيها، وإنَّما لدى الصديق السياسي لشيراك، أي ذلك المحافِظ السابق. نحن معشر الكتَّاب والصحافيين العرب، أي بعضنا وليس كلنا، نُقِرُّ ونعترف بأنَّنا "مغرضون"، أي لنا "غرض"، في اهتمامنا بهذا الفساد الفرنسي، وبكل فساد غربي يَظْهَر على هيئة "تهمة" تُوجَّه إلى رئيس أو وزير أو نائب.. في أوطان الديمقراطية الغربية، فإذا كان في اهتمامنا "المُغْرِض" هذا ما ينطوي على بعضٍ من معنى "الأجندة الخاصة"، وأصحابها، فلا بأس بأن نًُتَّهم بأنَّنا من ذوي تلك الأجندة. وهذا "الغرض" هو الاستفاضة في "المقارَنة" بين الفساد عندهم والفساد عندنا؛ بين مرتكبيه عندهم ومرتكبيه عندنا؛ بين مكافحته عندهم ومكافحته عندنا. أمَّا الغرض الكامن في هذا الغرض فهو جَعْل (على استعصاء الأمر) مجتمعاتنا ودولنا العربية تشبه، ولو قليلاً، المجتمعات والدول الغربية. وحتى لا نُتَّهَم بالتحامل على أولي الأمر منَّا، والذين لديهم من أعباء الحُكْم والمسؤولية ما تنوء بحمله الجبال، لا بأس بأنْ نُذكِّر بـ "اكتشاف هيغل"، أي بقوله إنَّ فساد الحكومات يكمن في فساد الرعية نفسها، فالفَرْق ليس بين حكوماتهم وحكوماتنا فحسب، وإنَّما بين شعوبهم وشعوبنا. هل نَتَّهِم، إذا ما تحدَّثنا عن الفساد، "كل" دولنا وحكومتنا العربية أم "بعضها (أو معظمها)"؟ من أجل "السلامة"، واجتناباً لـ "الندامة"، يفضِّل الكاتب أو الصحافي عندنا أن يقول، مُتِّهِماً أو مُديناً، إنَّ الفساد مُسْتَفْحِلٌ في "معظم"، أو في "بعض"، إذا ما أراد مزيداً من "الوقاية"، الدول والحكومات العربية، فكلمة "كُل" هي كالسيف، في حدِّه الحدُّ بين الجِدِّ والهزل. بفضل كلمة "معظم"، أو كلمة "بعض"، يستطيع هذا الكاتب أو الصحافي أن يقول لدولته، أو حكومته، إذا ما اضطَّره الأمر، إنَّكِ "المستثناة"؛ كذلك يستطيع قول الشيء نفسه لكل دولة عربية يزورها، فيغدو "الاستثناء" هو "القاعدة"، وتغدو، بالتالي، الدول العربية جميعاً عواصم للفضيلة! ما دمنا نتحدَّث عن فسادٍ يسمَّى "استحداث وظائف وهمية"، دعوني أستحدث "عبارة وهمية" هي "الفساد في الحُكْم والإدارة والمال.. يَعُمُّ ليس كل، أو معظم، أو بعض، وإنَّما 99.9 في المئة من الدول والحكومات العربية"؛ وعلى كل دولة عربية معترِضة أن تقبل، بالتالي، أن تكون جزءاً من هذا الكل الفاسد أو أن تُنزِّه نفسها عنه، راضيةً أن تكون في حجم ووزن تلك الكسرة (أقل من 1 في المئة بكثير). الفساد عربياً، ليس بآفةٍ أو مرضٍ، وإنَّما نمط حكم للحكومات، ونمط عيش للمجتمعات. إنَّه نمط حُكْم؛ لأنَّك لا تستطيع أن تتخيَّل حكومة عربية تحكم بغير الفساد، بكل دركاته وصوره وأنماطه، فالحكومات عندنا ليست بحكومات حزبية؛ فإنْ كانت منبثقة من حزب سياسي فليس لهذا الحزب من وزن أو نفوذ شعبي حقيقي. إنَّها حكومات تحكم لمصلحة أقلية، تتَّخِذ من فرد مركزاً لها ولسلطانها، فكيف لها أن تحكم، وتبتني لها "قاعدة شعبية"، إذا لم يكن في وسعها أن تتصرَّف بـ "المال العام" كما تشاء. بكثير من الفساد تتوفَّر دولنا على جباية المال من مواطنيها ورعاياها؛ وبفساد أكثر تتولى انفاقه وتوزيعه وصرفه واستثماره، فالسرقة والنهب والتهريب.. هي جوهر صلة "النافذين"، وكبارهم، بهذا المال العام؛ وليس الاشتغال بالسياسة بالأمر الذي يمكن فهمه وتفسيره بمنأى عن هذه "الدونية"، فالثراء ينبغي له أن يُتَرْجَم بسلطة، ينبغي لها أن تُتَرْجَم بثراء! في عالمنا العربي، ما عاد لدينا، والحمد لله، قيادات تطمع بالتاريخ، أي بدخوله، فتزهد عن "متاع الغرور"، وتسعى في أن تقود وتحكم بما يجعلها من ذوي المجد. ويكفي أن تعاني القيادات العربية ما تعانيه من فقرٍ قيادي حتى يشتد لديها الميل إلى أن تقود وتحكم بما يجعلها من ذوي الثروات الطائلة، التي من الفساد تتَّخِذ لها طريقاً وسبيلاً. اضربوا صفحاً عن كل "الديكور الديمقراطي"، كالانتخابات والبرلمان و"الصحافة الحرَّة"، فثلاثية "الراشي والمرتشي والرائش" هي أسلوب من أساليب الحكم، فسلطة التصرُّف بالمال العام، والتي تحتكرها قلة قليلة من المواطنين "غير العاديين"، لا تُمارَس من أجل الثراء الشخصي والعائلي فحسب، بل من أجل "تأليف القلوب"، وابتناء "قاعدة شعبية (فاسدة)"، فهُم ينفقون المال، على حبِّهم له، شراءً للتأييد، أو للسكوت؛ وإلاَّ لجأوا إلى آخر العلاج وهو "الكيِّ". الرئيس، ما أن يتورَّط في الفساد (الضروري) في ولايته الرئاسية الأولى حتى تشتدُّ لديه الحاجة إلى ولاية ثانية، فثالثة، فرابعة، أي إلى الأبدية في تربُّعه على عرش الرئاسة، وإلى "التوريث"، توريث الحكم لنجله، من ثمَّ، فالذهاب إلى بيته بعد ولاية أو ولايتين يمكن أن يُخْرِجه من بيته (مع عائلته وآخرين) إلى السجن. إنَّ في خوفه (وخوف حاشيته) من المستقبل يكمن السرَّين: سرُّ "الأبدية" في الحكم، وسرُّ "التوريث". وطالما كان بيان الوهم والخداع والتضليل على هيئة قول من قبيل "أعاهدكم على الاستمرار في تحمُّل المسؤولية ما دام في الصدر قلب ينبض"! يظل الخوف من المستقبل يستبد به، ولن تطمئن نفسه، ولو اقترحوا عليه أن يسنُّوا له قانون "الخروج الآمن" من الحكم، فـ "الحصانة الأبدية" ليست بإغراء "الرئاسة الأبدية". حتى مرؤوسيه من كبار النافذين لا يسمحوا له بـ "النجاة" وحده، وكأنَّ "الرئاسة الأبدية" مع "التوريث" هي وحدها قارب النجاة للقوم جميعاً! إنَّه، أي هذا الرئيس، يرى في بقائه الأبدي في الحُكْم استبقاء للسيف في يده اليمنى، وللترس في يده اليسرى؛ فأين هو المنطق في أن يُدْعى إلى التخلي عن السيف والترس، وأن يذهب إلى بيته الذي يُحْدِق به الأعداء من كل حدب وصوب؟! لقد ولَّى زمن "الانقلابات العسكرية"، الذي فيه عرفنا الرئيس قصير العمر سياسياً (وفيزيائياً). وها نحن الآن في "الزمن الآخر"، حيث الفساد يؤسِّس للرئاسة الأبدية، ولتوريث الحكم للأبناء، وللأحفاد من ثمَّ.
source:http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=190036
Tag(s) : #Actualite International
Partager cet article
Repost0
Pour être informé des derniers articles, inscrivez vous :